الحزن وحبس الدموع
بقلم الدكتور/ علي محمد محمد علوس
تعريف الهم والحزن .
هو انشغال الفكر وحزن القلب بما حدث وما يتوقع أنة سيحدث من مشاكل في الحياة ، ومما لاشك فية أن صحة بدن الإنسان تتأثر بهذة الحالة النفسية التي تورث أكتاب النفس وانقباضها .
فقد ثبت علمياً ضررة على صحة العيون قال تعالى مثبتاً هذا الأمر ( وابيضت عيناه من الحزن ) يوسف -84 ولأضرار الحزن فقد نهى الله عن الحزن وتعاطي أسبابة في غيرة ما موضع
قال تعالى ( وأصبر وما صبرك الإ بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )النحل -127
وقال تعالى ( فلعلك با خع نفسك على أثارهم أن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف – 6
وقال تعالى ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) فاطر-8
وذلك أن توارد الحسرات على النفس يهلكها ولذلك كان من أركان الأيمان الأيمان بالقضاء والقدر لأنة أقوى الأسباب في التغلب على الحزن قال تعالى ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها أن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم والله لا يحب كل مختال فخور) الحديد-22-23
بيد أن الإنسان ومهما بلغ أيمانة لابد أن تطرق نفسة ألوان من ألأحزان وأعاصير من الهموم في مراحل عمرة المختلفة فيحزن لفوات محبوب ويحمل هم مستقبل مجهول
يقول الشاعر :
ثمانية لابد منها على الفتى ولابد أن تجري علية الثمانية
سرور وهم وأكتاب وفرقة وعسر ويسر كذا سقم وعافية
وفي حديث الرسول الكريم ( من كثر همة سقم بدنة ) كنز العمال في سنن الأقوال
وفي حديث ( والهم نصف الهرم ) فقد تعوذ النبي من الهم والحزن فعن أنس بن مالك قال ( كان رسول الله صلى الله وعلية وسلم يتعوذ من ثمان من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وغلبة العدو) رواة أحمد استعاذة الرسول من الحزن دليل على أن لة مساوئ وأضرار
على الإنسان كيف لا وقد خلقة الله في كبد ووصفة بقولة تعالى ( وخلق الإنسان ضعيف ) النساء-29
فتكون المشكلة أقوى على هذا الضعيف من أن يتحملها ولا يتأثر بها ، فكيف الخلاص من أثار الحزن على بدن الإنسان أو على الأقل التخفيف من حدة هذة الآثار ؟
وللأجابة على هذا نقول أنة من رحمة الله أن خلق من الدواء ما يخفف من أضرار هذا الداء ، وهذا الدواء هو البكاء وأخراج سموم الحزن مع لألئ الدمع المتدفق من العيون فالدموع هي من إهداء النفس للنفس ، فيا ترى ما مكونات الدموع ؟
مكونات الدموع
تتكون الدموع الطبيعية ( المرطبة للعين ) وكذا دموع الفرح مما يلي:
1- ماء 2-قليل من ملح الطعام 3- خميرة الليزوزيم عبارة عن تنظيم مبيد للجراثيم )
4- 25‰ من البروتين 5- هلام 6- جزء من المعادن خاصة المغنيسيوم Mg))
وتزيد دموع الحزن عن دموع الفرح بأنة يفرز فيها بالإضافة إلى ما سبق ما يلي :
1- هرمون البرولاكتين 2- مواد الأدرينالين 3- النور أدرينالين
4- الكاتيكولامين 5- أي سي تي أنشن (إتش) (ACTH )
إذا فهناك فرق بين الدموع الطبيعية والتي منها دموع الفرح وبين دموع الحزن ومما يتعجب منة أن هذا ليس باكتشاف جديد فإن صلاح الدين الكحال وهو من أطباء القرن السابع الهجري قد قال ( دمعة من يضحك باردة لأن الضحك أنبساط طبيعي للنفس فتدمع العين لا نحصار الرطوبة بالضغط الحادث من الضحك وهروب الحرارة من القلب إلى ظاهر البدن ولبرد الباطن في الضحك تكون الدمعة باردة بينما تكون دمعة من يبكي حارة لان البكاء حالة دلالة على انقباض النفس لاضطراب الفكر ولكثرة الحرارة في الباطن تكون الدمعة حارة لذوبان الرطوبات .
وبعد أ، تعرفنا على مكونات الدموع سوف نتعرف على فوائد الدموع :
1-ترطب غشاء الملتحمة الذى يغطي العين مما يساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية .
2- تساعد على حماية القرنية من الإصابة بالجفاف مما يساعد على شفافيتها ووضوح الرؤية.
3- تعتمد القرنية في جزء كبير من غذائها على السائل الدمعي.
4-تساعد على تنظيف العين فالسائل الدمعي يحتوي على إنزيم خاص يقضي على الميكروبات كما إن تتابع الدموع يطرد المواد الخارجية المهيجة للعين كا لفلفل والأتربة والدخان .
5- يخلص الجسم من المواد الكيميائية المتعلقة بالضغط النفسي .
والذي يخصنا هنا من الفوائد النقطة الخامسة
يقول العالم الأمريكي أرثرفرونك : بما أن الدموع تخرج المواد السامة من الجسم فإن حبس الدموع يعني التسمم البطئ فالدموع تلعب دور حيويا في التخفيف من التوتر النفسي الذي يمكن إن يتسبب في تفاقم بعض الأمراض مثل قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم والتهاب غشاء القولون الخاطئ فالدموع تفرغ الشحنات السامة التي تحدثها التوترات العاطفية والانفعالات فحبس الدموع يعنى التسمم البطئ وأن كانت الغدة الدمعية دائما في حالة إفراز للدموع لما تقدم من ضرورة ذلك للحفاظ على العين وسلامة القرنية إلا أن إفرازها يزيد عند التعرض لموقف محزن .
يقول د/ فري رئيس مركز أبحاث الدمع وجفاف العين في ولاية مينا سوتا الأمريكية : أن الحزن مسئول عن أكثر من نصف كمية الدموع التي يذرفها البشر في حين أن الفرح مسئول عن 20‰ من الدمع أما الغضب فيأتي في المرحلة الثالثة .
وما الحزن إلا تأثر القلب كما في الحديث يقول النبي صلى الله وعلية وسلم ( أن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول ألاما يرضى ربنا ، إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) صحيح البخاري
لذلك يقول العلماء اليوم أن على المرء أن لا يكتم دمعة المنبثق من قلية الحزين وقد ورد في الحديث (أن في الإنسان مضغة إذا سلمت وصحت سلم سائر الجسد وصح وإذا سقمت سقم سائر الجسد وفسد ألا وهى القلب ) رواة أحمد والصلاح في الحديث شامل لكل أنواع الصلاح
فأن الجسم يزداد أفرازة بسبب الحزن فيؤدي إلى الانقباض والاكتئاب لهرمونات الكاتيكولامين والأدرينالين من غدة الكظر التي توثر إلى أ عضاء الجسم كلها فتنقبض الأوعية الدموية ويرتفع الضغط الشرياني وتسرع نبضات القلب والتنفس ويتعب الدماغ والكبد والكلى وقد تحدث القرحة الهضمية ، كما تسرع التجعدات إلى الوجة بسبب طول التقطيب والاهتمام وصدق من قال ( من كثر همة سقم بدنة ) يقول د/ محمد بن عبد العزيز ( إن الجلوكوما الحادة ذات الزاوية الضيقة تتميز بأنها تحدث في الأفراد العاطفيين الذين ينفعلون لأقل سبب ولديهم شدة عاطفة وتحدث مع مشدودي الأعصاب القلقين المتشائمين ) وعند كلامة عن الدور الحاد الساخن قال : في هذا الدور نجد أن الضغط يرتفع فجأة ارتفاعا كبيراً نتيجة لغلق الزاوية ألأمامية فيحدث الاختناق الوعائي للعين وتتألم أنسجتها قال : وهذا الدور يفاجئ المريض بعد اضطراب نفسي عاطفي مثل حزن أو غضب أو بعد أجهاد ذهني أوجسدي أذن الحزن لابد منة والجسم الحزين يفرز مواد ضارة بالبدن ولابد من التخلص منها وليس ذلك إلا عن طريق إخراجها مع الدموع يقول الدكتور الجرافي : لقد لوحظ أن الأشخاص الكثيرى البكاء أو سريعي ذرف الدموع أطول عمراً من أولئك الذين يكبتون أنفعالتهم فالجسم حال الانفعال ينتج مواد ضارة تخرج من الجسم مع الدمعة فإذا أنحبست الدموع انحبست معها المادة التي تضر بالجسم ، ولقد تأكد للعلماء بفحص مكونات الدمعة للعين في حالة الهدوء والاسترخاء وخلوا الشخص من الانفعالات النفسية فوجدوا أن كمية تلك المواد الضارة ازدادت في الحالات الأخيرة بشكل ملحوظ فهذة المواد الضارة مواد كيميائية لا يحتاجها الجسم وان ظلت بداخلة أثرت على الأعضاء الحيوية كالمخ ، ولأعصاب ، والقلب ، وبالتالي ينعكس ذلك على وظيفة جسم الإنسان فتضطرب ولهذا يكون عمرها أقصر .
قال تعالى ( وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناة من الحزن فهو كظيم )
فأن سبب بياض عينية اجتماع أمرين في نفسة فهو : حزين - وكظيم
وقال الشوكانى المكظوم : المسدود علة طريق حزنة من كظم السقاء أذا سدة على ما فية .
وقيل الكظيم ، بمعنى الكاظم أي المشتمل على حزنة الممسك لة وسبب حبس يعقوب للدموع هروبة من انتقاد أبباءة الذين كانوا ينتقدون مجرد كلامة عن يوسف وتذكرة أياة فكيف لو راوة يبكى فمن قولهم ( تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين) يوسف -85 ومما يبين ذلك أكثر اعتراف يعقوب بأنة يخشى انتقادهم وذلك حينما قال ( وقال أبوهم أنى لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) يوسف-49 تفندون تنسبوني إلى الفند وهو ذهاب العقل من الهرم وقال أبو عبيدة أي لولا تسفهون وقال الزجاج : لولا إن تجهلون وقال ابن الاعرابى لولا أن تضعفوا رأي وقال الأخفش التفنيد اللوم وضعف الراى .
وكان ماخشاة فقد كان ردهم ( قالوا تالله أنك لفي ضلالك القديم )يوسف-95
ويستفاد من ذلك أن التنشية التي تحث الطفل أو الرجل على حبس دمعة هي تنشئة خاطئة وقد أمتدح الله البكائين في أكثر من موضع قال تعالى ( وإذا ما سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدموع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين) المائدة-83
وبكى النبي صلى الله وعلية وسلم لما أحس بحزن قلبة لوفاة ابنة ذلك أن من لا يعرف الدموع لا يعرف الرحمة : يقول النبي صلى الله وعلية وسلم ( العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول ألا ما يرضى ربنا والله أنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) صحيح البخاري
وفي رواية لابن ماجة (تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب لولا أنة وعد صادق وموعد جامع وان الأخر تابع للأول لوجدنا عليك ياابراهيم أفضل مما وجدنا وأنا بك لمحزونون)
وكان الرسول يبكى أذا أشتد خوفة من الله عن ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله وعلية وسلم ( اقراعلى القران ) قال فقلت يا رسول الله أقرا عيك القران وعليك أنزل قال ( أنى أشتهى أن أسمعة من غيري ) فقرات علية النساء حتى إذا بلغت ( فكيف أذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئناك على هؤلاء شهيدا ) رفعت راسي أو غمزنى رجل إلى جنبي فرفعت راسي فرأيت دمعة تسيل صحيح مسلم
ولسبب عظيم لم يعرف حقيقتة الطب حتى الآن لماذا يستهل المولود بالبكاء وهذا كلة يرد على كعب بن مالك الذى قال : بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
فان للبكاء فوائد جمة فبالإضافة إلى صحة البدن والنظر ومقاومة الدموع لنمو الجراثيم فأنة السلاح لتلين القلوب القاسية فتستجلب الرحمة للبكاء فالدموع سلاح عندما تضعف الكلمة عن البيان وتقصر الحجة عن الإيضاح وإن راءها البعض ضعفا مهينا فقد رآها آخرون تنفيسا وترويحاً كما أن البكاء من خشية الله لة أثر عظيم في دفع عذاب الله إذ هي دليل انكسار وتسليم للعظيم المتعال كما جاء في الحديث ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ) سنن الترمذي
وحديث ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله وعلية وسلم يقول (عينان لا تمسها النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله ) مختصر سنن الترمذي
وفي ختام حديثنا نقول حاول ألا تحزن ولا تشغل فكرك بفان لا يساوي عند الله جناح بعوضة فإن كان ولابد فابكي لأنك إنسان لة أحاسيس ومشاعر عبر عن نفسك وانفعالاتك وأطلق العنان لدموعك لتغسل همومك وأحزانك وتعيد الراحة إلى نفسك والبسمة إلى حياتك ولكن لا يفهم من هذا أن نظل نبكي طوال الوقت ولأتفة الأسباب فهناك سنة كونية تقول : كل شئ يزيد عن حدة يصبح ضاراً.
الرئيسية 
أحدث الصور 
التسجيل 
دخول 
الثلاثاء أبريل 17, 2007 3:52 pm
